Antecedentes مسائل رئيسيّة في التطور البشريّ (2): السابق أشباه البشر Keys to human evolution - <center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation </center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : Antecedentes مسائل رئيسيّة في التطور البشريّ (2): السابق أشباه البشر Keys to human evolution

2012-03-25

Antecedentes مسائل رئيسيّة في التطور البشريّ (2): السابق أشباه البشر Keys to human evolution

El conocimiento de los Orígenes del Hombre ha seguido un curso paralelo a la historia de los descubrimientos de homínidos fósiles. Desde el primer neandertal hasta el homínido más antiguo conocido en la actualidad y objetivo de esta unidad didáctica, Ardipithecus ramidus, han tenido lugar muchos descubrimientos y se han abierto nuevas líneas de investigación que han permitido precisar más las preguntas de quién, cómo, cuándo, dónde y porqué de los protagonistas de la evolución humana

Leer el resto, aquí


توازت قضيّة معرفة الاصول للإنسان مع تاريخ الاكتشافات المتصلة بأحفوريات البشرانيّات وبينها إحفوريات لأشباه البشر. منذ أول نياندرتال وحتى شبه الإنسان الأقدم المعروف بالوقت الراهن، وهو الذي سندرسه بهذه السلسلة:  شبه الانسان آردي الذي ينتمي للقردة الجنوبية، ويعود لأنثى فتحت خطوط بحث جديدة، سمحت بتحقيق مزيد من الدقّة بالاستفهام حول مَنْ، كيف، متى، أين ولماذا حدث التطور البشريّ.
 
تقترح تقديرات مؤسّسة على علم الاحياء الجزيئي والسجل الأحفوري بأنّه من نواة سلف، قد انفصلت الخطوط التطورية المختلفة، التي اعطت المجال لظهور الرئيسيات الحالية الأكثر قرباً للإنسان ولنا نحن بالتحديد. وقد تراوحت تواريخ الانفصال عن الجذع المُشترك، كالآتي: فقد انفصلت بداية الغيبون منذ ما يقرب من 24 مليون عام. تالياً تميّز الخطّ الذي اعطى المجال لظهور  الأورانغتون الراهن منذ ما يقرب من 15 مليون عام. ثمّ اتى دور الغوريللا وبزمن يعود إلى 8 مليون عام. وأخيراً خطّ اعطى المجال لظهور نوعي الشمبانزي من جانب، وخط لاشباه الانسان من الجانب الآخر منذ أكثر من 5 ملايين عام بقليل في افريقيا. مما سبق يُستنتج وجود سجل إحفوري لسلالة أو لمجموعة سلائل من أشباه الانسان والتي استمرت منذ 5 ملايين عام وحتى وقتنا الحاضر. يُقبَلُ بيومنا هذا، بأنه قد وُجِدَ بسياق عائلة أشباه الإنسان: 4 أجناس مختلفة مع أنواع حيّة عديدة، والتي تتحدّد، بدورها، بسلائل مختلفة ضمن شجرة عائلتنا التطورية.


مُصطلح "أشباه الإنسان أو أشباه البشر" هو مُصطلح عام، يُعرِّفنا على ممثليّ العائلة البيولوجية التي ننتمي لها، والتي تضم إضافة لنوعنا نحن، تلك الصيغ الإحفورية الأكثر قربا مع الانسان العاقل. نحن الجنس الوحيد الباقي على قيد الحياة من تلك العائلة في الوقت الراهن. مع هذا، ومنذ انفصال أقربائنا الأقرب أي الشمبانزي، قد سكنت أجناس مختلفة، والكثير من أنواع أشباه الانسان، كوكبنا، تعايشت مع بعضها البعض في كثير من اللحظات، وتعايش العديد منهم بذات الوقت.
 
منذ ما يقرب من 75 عام، نفذوا كثير من الحفريات في مواقع بالقارة الافريقية، والتي سمحت بإعادة تركيب إحفوريات لأشباه الإنسان ذوي أشكال متنوعة جداً وتسلسل زمنيّ واسع جداً.

 
بيومنا هذا، وبحسب الأدلة التي تحملها معطيات علم الأحياء الجزيئيّ، يوجد اتفاق عام حول إقرار انفصال عائلتنا، ما يعني عملياً، ظهور أول شبه إنسان بشرانيّ، خلال الفترة الممتدة ما قبل  8 إلى 5 ملايين عام. تتفق هذه الأرقام مع تغيُّرات بيئية في العالم القديم طالت العوامل المناخيّة والانخفاض التدريجي بتركيز ثاني أوكسيد الكاربون بالغلاف الجوي، ما يجعلنا نميل لربط هذه التغيرات بأصل أشباه الإنسان كنتيجة تكيُّف مع الوسط البيئيّ الجديد. مع ذلك، وكما سنلاحظ لاحقاً عند مراجعة خصائص آردي كشبه إنسان بدائيّ، والذي عاش في بيئة غابيّة مطيرة، كالتي تعيش الشمبانزي بها في يومنا هذا، على سبيل المثال.
 
"الحلقة المفقودة أو الوسيطة"، في الواقع، يوجد كثير من "الحلقات المفقودة"، حيث يُمثل كل شبه إنسان أحفوري: واحدة من الحلقات في سلسلة طويلة من التغيرات التطورية التي حصلت منذ أول سلف مُشترك وصولاً إلينا نحن. ما هو مؤكد فعلاً، هو أنّ السلف الأول المُشترك بين اشباه الانسان (البشرانيات بالعموم) وبين الشمبانزي الراهنة، هو "قرد أكبر" ذو خصائص عامة، وحيث أنّ القرود الحالية تحتفظ بملامح أكثر بدائيّة من ملامحنا نحن، وعندما نعود للوراء لزمن أكبر، سنقترب أكثر من هذا النموذج العام المشابه أكثر للشمبانزي والغوريللا الحاليين.
 
وصولاً لزمن ظهور الأحفوريات، التي يرتكز عملنا عليها، ساهمت مواقع التنقيب في شرق وجنوب افريقيا بالكشف عن أحفوريات وفق تسلسل زمني لفترة أحدث من 4 مليون عام، حيث ميّزوا ثلاث أجناس مختلفة من أشباه الإنسان، هي: القردة الجنوبية، الأناسي النظير وأشباه البشر والبشر.


ففي خريف العام 1992، عثر فريق بحث البروفيسور تيم د. وايت التابع لجامعة بيركلي ويعمل في بضع مواقع حفريات لفترة تعود لحوالي 4.4 مليون عام بمنطقة عفار في اثيوبيا وبموقع اسمه أراميس، بالتحديد، على بقايا شبه إنسان بدائيّ، لم يستحق لقب نوع حيّ جديد فقط، بل جرى اعتباره جنساً جديداً، هو آردي.

ستسمح لنا دراسة ونقاش الميزات التشكلية لآردي بالتعمُّق بإشكاليّة أيُّها هي الملامح التي تحدّد شبه انسان، ما هو الشيء الذي يسمح لنا بالتمييز بين أحفور لعائلتنا وأحفور آخر ليس كذلك. يشكّل احفور آردي مثال جيد لكيفية التقدُّم بالمعرفة حول الأحفوريات، تغيّر (أو لا) المقدمات العلمية التي تتناول كيفية ومتى ينتج التطور في جماعة بيولوجية محددة.


تعيش الشمبانزي والغوريللا، راهناً، في بيئة حرشيّة مغلقة مطيرة، ومن الواضح أن هذه البيئة، التي يشغلونها منذ انفصال الخطّ التطوريّ الذي أعطى المجال لظهور أشباه الانسان، غير مناسبة لعملية حفظ الأحفوريات، وربما هذا هو سبب عدم معرفتنا لأيّ سلف لخطها التطوريّ. فهذا يصعّب مهمة الحصول على معطيات تتصل بمعرفة السلف المشترك بين اشباه الانسان وقرود البشرانيّات. مع هذا، ما نعرفه اليوم عن سجل أوائل أشباه الإنسان، يسمح لنا بملاحظة أنه كلما رجعنا زمنيا للوراء، يظهر تشابه أكبر بين أوائل أشباه الانسان وقرود الشرانيّات الراهنة وتقلّ الفروقات بينهما، لكنها كافية وهامة لإثبات أنّ تلك النماذج الاحفورية قد أعطت المجال لحدوث قفزة باتجاه آخر.
 

على ماذا نُطلق تعبير شبه إنسان؟  



بحسب بعض الباحثين الحاليين، ينتمي شبه الانسان إلى عائلة البشرانيّات. مع هذا، يعتبر باحثون آخرون بأنه ضمن هذه العائلة، يجب تضمين القرود الكبرى الراهنة كذلك، والقيام بتحقيق تقسيم فرعيّ بمستوى عائلات فرعيّة أي:
 
 
  الشمبانزيات  + تحت فصيلة الإنسانيات. 
 

نعرف اليوم، بفضل الدليل القادم من علم الوراثة الجزيئيّ، أنه وبحسب وجهة النظر البيولوجية المحضة، فهذا التصنيف غير صحيح. فنحن نتقاسم مع الشمبانزي سلف مشترك، ليس غوريللا ولا أورانغتون. ولهذا، من الأفضل أن يشمل تحديد شبه الإنسان كل الانواع الاحفورية التي ظهرت في خطنا التطوريّ بعد تفرُّع الشمبانزي.

كذلك، التعريفات التي أُعطيت لشبه الانسان لا تُعدّ ولا تُحصى. ففي العام 1758، أسماها كارولوس لينيوس جنسنا ونوعنا الحيّ. جرى تعريف عائلة البشرانيّات، لأول مرّة، العام 1825 من قبل جون إدوارد غراي. حتى أواسط القرن التاسع عشر، لم يُعرَفْ أيّ نوع أحفوري وارتبطت أوائل الإكتشافات بجنسنا نحن. عندما شُخِّصَت الخصائص التشريحية لعائلة الإنسانيات، أُعِيدَ تعريفها من قبل ويلفريد كلارك العام 1955، حيث ركّز على الجمجمة والأسنان وجزء صغير من أسفل الرقبة. بعض تلك الخصائص، على سبيل المثال: سعة كبيرة في الجمجمة، ترتيب الاسنان على الفكّ على شكل قطع متكافيء، أنياب صغيرة وأعضاء متكيفة تماماً مع وضعية المشي المنتصب والتنقّل على قدمين.

عندما ظهر نوع القردة الجنوبية، أُبعِدَ جزء من تلك الخصائص. فقد ميّزوها عن "القرود"، بشكل رئيسيّ، بسبب اختزال عدد أسنانها، خصوصا الأنياب، في شكل تآكل الأسنان وفي المشي على قدمين كملامح أساسيّة. منذ اكتشاف القرد الجنوبي العفاري، أصبحت التعريفات أوضح على نحو متزايد، ومن هنا، يُعرف بالاصطلاح العاميّ  "شمبانزي يمشي على قدمين". يميّز اشباه الانسان عن الشمبانزي
المشي على قدمين بشكل أكبر.

لا يوجد دليل قاطع حول هوية آردي لينتمي إلى نوع شبه انسان مشى على ساقيه، لكن ما نعرفه بشكل أكيد، هو أنه قد تغيّر حجم وشكل الأنياب، وتآكل أسنانها بصيغة مختلفة. بيومنا هذا، تكفي الميزتان لتحديد وتعريف شبه إنسان.


قضيّة نشوئيّة تطورية قبل آردي


 بحسب حفريات جنوب افريقيا، شكل القرد الجنوبي سلفنا وبينت وجود أنواع عديدة تنتمي إلى هذا الجنس. ساهمت حفريات لاحقة، في شرق افريقيا، بتوسيع معارفنا حول التوزع الجغرافي والزمنيّ للاسترالوبيثكس أو للقرود الجنوبية. وصولاً حتى العام 1994، وهو زمن اكتشاف الرد الجنوبي العفاري، والذي يعود إلى الفترة الممتدة بين ما قبل 3 إلى 4 ملايين عام، وقد مثّل شبه الإنسان الأول المعروف (الأقدم) وساهم بسدّ جزء من الفراغ القائم بين بشرانيّات فترة الميوسين وبشرانيّات بدائيّة أخرى. لقد مثّل تشكيلها السنّي اللحمي (اللثة + الاسنان) البدائيّ برهان ملموس بفضل الدليل الجزيئيّ، والذي يلتمس وجود سلف مُشترك بين البشرانيّات والشمبانزيات الافريقية، حيث عُثِرَ عليه بمستويات زمنية تعود لفترة الميوسين الأخيرة / فترة البليوسين المبكرة.

 
على هامش أحفوريات النوع القرد الجنوبي العفاري، عُثرَ على بعض البقايا المنعزلة والقطع المتفرقة لأحفوريات أشباه إنسان في كينيا وذات تصنيف غير واضح: قطعة فكيّة مع بعض القطع السنيّة وكسرات باقية من جمجمة في موقع حفريات لوتاغام مع تأريخ زمني عرضة للشكّ يمتد لما قبل  6 إلى 5 ملايين عام، قطعة من عظم العضد اليساريّ في موقع كانابوي وبقدم زمنيّ يتراوح لما قبل 4.5 الى 4 ملايين عام، فكّ بموقع تشيميرون وقطع اخرى فكيّة بموقع تابارين وهما بتسلسل زمني تقريبي لما قبل 4.5 مليون عام. لقد ظهر القرد الجنوبي العفاري في الشجرات التطورية كأول سلف مُشترك لكل أنواع أشباه الإنسان، وبعمر يعود لما قبل 3.6 مليون عام. وفي حال حصول تفرُّع بخطّ الشمبانزي بزمن يعود لما قبل 5 ملايين عام على الاقلّ، فللآن، تبقى الأبواب مفتوحة للعثور على سلف أقدم ضمن عائلتنا.
 

 

اكتشاف آردي 

 

  العام 1992، عثر تيم وايت وفريق بحثه، خلال عملهم باكتشاف مخزونات أحفورية تعود لما قبل 4.4 مليون عام في منطقة مجرى نهر أواش في اثيوبيا، بداية على الطاحن الثالث العلويّ، وبذات الحملة عثروا على بقايا أكثر لبضعة أشباه إنسان بدائيين جداً.

 أسموها القرد الجنوبي راميدوس (وأُعيدَ تسميتها لاحقا ليس بوصفها نوع جديد، بل بوصفها جنس جديد باسم خاص آردي). حيث حُددت كحلقة أقدم في تاريخنا التطوريّ.
 

"يعود أصل مُصطلح Ardipithecus ramidus لكلمة Ardi والتي تعني "تُربة" في اللغة المحلية بمنطقة عفار الاثيوبية، وأصل pithecus باليوناني وتعني "القرد"، كما تعني ramid "جذر" في ذات المنطقة الاثيوبية، وبهذا يُشير المُصطلح الكامل سواء للجنس كما للتحديد النوعيّ "للقرد" المتواجد في جذر الشجرة التطورية البشريّة". 


  نُشرَت تلك التفاصيل للمرة الاولى عام 1994 كدراسة لأحفوريات أُعيدَ تركيبها في موقع أراميس بإثيوبيا. وتتكون تلك اللقى من أسنان، قطع قاعدة الجمجمة، قطع فكيّة وتحت قحفيّة (قطع متعددة لذراع شخص بالغ وعظم عضد منعزل بالجانب الآخر ينتمي لفرد آخر). بالإجمال، يصل العدد الأقلّ للأفراد المختلفين الممثلين للقطع إلى 16. النموذج التشخيصي لآردي، عبارة عن مجموعة اسنان المترابطة والتي تحمل اسم ARA-VP-6/1. 


بوقت لاحق، وفي الحملة الدراسية بعامي 1994 و1995، أُعيدَ تركيب بقايا أخرى، جزء من هيكل عظميّ كامل تقريباً بالرغم من تكسّر قطعه، ولم يُنشَر شيء حوله للآن:

 حيث تنتظر المؤسسة العلمية بترقُّب كبير. بين أشياء أخرى، سنعرف فيما لو مشى شبه الإنسان هذا (آردي) على قدمين، أو أن تلك الميزة قد ظهرت، بوقت متأخّر، خلال التطور البشريّ.

 

من هي آردي؟ ميزات مورفولوجيّة

 


سنتحدث، هنا، تفصيلياً حول الميزات الرئيسية التشريحية، مما نشره العلماء حول آردي.

يجري التمييز بين آردي وأنواع أخرى من أشباه الإنسان، بما فيها القرد الجنوبي العفاري، من خلال:

أولاً: أنياب كبيرة مقارنة مع الأسنان الأخرى (ضواحك وطواحن)، فهي أكبر مما لدى أي شبه إنسان؛ لكنها أصغر من أنياب الشمبانزي.


ثانياً: أول طاحن سفلي (أول سن لبنيّ) ضيق ومتطاول، ذو قمّة واحدة رئيسية. نُشِرَ شكل هذا السنّ على غلاف مجلة الطبيعة الشهيرة، استحق الاهتمام لأنه يوافق بنية تشكلية بدائية جداً وأقرب إلى ما لدى الشمبانزي الراهن.

ثالثاً: أنياب وطواحن ذات مينا رقيق. لدى باقي أشباه الانسان مينا خشنة. يظهر أن سماكة المينا تتصل بقوّة بنوع الغذاء المُستهلك. فالمينا الرقيقة التي نجدها عند آردي والشمبانزي وغيرها من القرود الحالية، تُساعد على عملية هضم الفاكهة والعوزة (أغذية طريّة). بينما المينا الخشنة لدى باقي أشباه الإنسان المعروفين، ترتبط بحصول تغيُّر باتجاه نظام غذائيّ يعتمد على مواد أقسى.

رابعاً: ثالث ضاحك سفلي وعلوي غير متماثلين بشكل واضح، وعمليا بقمة واحدة. من المفترض أن "أنسنة" الأسنان، ترتبط بازدياد عدد وحجم القمم سيما في الضواحك. حيث تُعرف هذه الخاصيّة باسم الاستقطاب، وآردي بدائيّة على هذا المستوى.

يمكن تمييز آردي، كشبه إنسان، عن باقي القرود الحاليّة وبعض بقايا الإنسانيات الأحفورية، من خلال:

أولاً: تشكيل الناب حادّ أكثر (قاطع أكثر). في كل أشباه الإنسان، في الأنياب قمتين صغيرتين جانبيتين تابعتان للقمة الرئيسية، وبهذا، تكسر الصيغة التقليدية للانياب البدائية. بحيث اصبحت مربعة أكثر، وتظهر كقواطع.

ثانياً: في الناب السفلي تآكل سطحيّ. تآكل الأنياب عند القرود الكبرى (البدائيّة) عمودي  (كالمقصّ) وشكل الاطراف القاطعة من الأمام والخلف. تختفي هذه الوظيفة عند أشباه الإنسان (وعند آردي) والتآكل سطحي أو أفقيّ.

ثالثاً: وقع الثقب القذاليّ السفليّ، سابقاً، وفقا لموقع الثقب السباتيّ (عبارة عن ثقب، تدخل الشرايين السباتيّة عبره بالجمجمة). الثقب القذالي، أو بتعبير آخر الفتحة القائمة بقاعدة الجمجمة والتي تصل المخ بالنخاع الشوكي، بوضعية عمودية أكثر مما عند القرود. وباعتبار أن البقايا متشظية جداً، الدليل غير قطعيّ لتحديد الامر، كمثال، فيما لو مشت آردي على قدمين أو لا.

نسبة لباقي الهيكل العظميّ، وفي الموضوع المنشور في مجلة الطبيعة عام 1994، تُدرَسُ أحفوريات، أُعيد تركيبها، تعود للذراع الأيسر لفرد بالغ. في التطور البشريّ، سواء التغيرات بتشكيل الجمجمة أو الأسنان، هي الأوضح عند أشباه الإنسان المختلفة، حيث تحضر التغيرات في عظام باقي الهيكل العظمي بشكل أقلّ. وُجِدَ تغير أكبر عند لحظة اكتساب صيغة المشي على قدمين، والذي قاد لحصول إعادة تنظيم لمنطقة الخصر للاسفل، ولاحقا، حصول تغير ثاني في النسب بين الأذرع والسيقان. تبين دراسة ذراع آردي التفصيلية، حضور مزيج من الخصائص البدائيّة (الشبيهة بما لدى الشمبانزي الراهن) وخصائص أخرى (موجودة لدينا).

تبيّن التقديرات، بخصوص القوام، المبنية على بقايا الذراع، حجم شبه الإنسان هذا الأطول من لوسي وهي قردة جنوبية عفارية، لكنه أصغر من أفراد باقي نوعها. تتراوح معدلات قوام القرد الجنوبي العفاري بين 1.05 و 1.51 متر، عند الذكور والإناث. ولآردي قوام، يمكن إدراجه بين هاتين القيمتين.

الوضع البيئيّ والزمنيّ لأشباه الانسان، بحقبة البليوسين السفلى، بمنطقة أراميس الإثيوبية

يقع مكان الحفريات أراميس في منطقة مجرى نهر عواش المتوسط بشرق اثيوبيا. لقد ساهمت عملية الحت والتعرية الطبيعية بكشف كثير من الأماكن، وسمح هذا بدراسة تسلسل طبقيّ هائل. تقع السلاسل الأقدم في منطقة نهر عواش المتوسط، التي تتوافق مع فترة الميوسين الأخيرة ولم يُعثر بها على أحفوريات أشباه إنسان. فغالبية الرسوبيات المتوفرة تعود لفترة البليوسين، وحتى اكتشافات موقع أراميس، تحوي كل إحفوريات أشباه الإنسان الأقدم بمجرى نهر عواش المتوسط، وقد وافقت شبه الإنسان القرد الجنوبي العفاري، والذي يبلغ عمره بين 3.4 و3.8 مليون عام. 

 

  عملياً، مخزون الرواسب النهرية أفقيّ، ويحتوي على طبقات بركانية، جرى تحديد تواريخها باتباع مناهج مختلفة: بواسطة الآرغون 40Ar/39Ar، من خلال المغناطيسية القديمة والتسلسل الزمني الحيويّ. توحي كل التفاصيل المتعلقة بالرسوبيات، المُكتشفة من قبل فريق تيم وايت خلال حملته عامي 1992 و1993، بأنها قد تخزّنت في الفترة الممتدة بين ما قبل 4.48 مليون عام و4.29 مليون عام. طبقات بركانية فوق بعضها، طبقة فوق طبقة أخرى، جرى تأريخ الطبقة التي تظهر فيها أغلبية أحفوريات آردي لفترة ما قبل 4.39 مليون عام. وبالتالي، يمكن تقريب عمر آردي إلى 4.4 مليون عام.



ظهرت في المستويات، التي استُعيدّت منها بقايا آردي، بقايا كثيرة لحيوانات ونباتات بفترتها. التشكيل الحيواني فريد مقارنة بمواقع اخرى لأشباه الإنسان التي تعود لفترة البليستوسين. حيث يوجد وفرة بنوع من القرود هو الكولبساوات وبنوع من الظباء هو الكود الأكبر. وعاش كلاهما، تقليدياً، في الأحراش، وهو ما يؤشّر لنوع المسكن الذي شغلته آردي. كذلك تظهر آكلات لحوم متنوعة، كالضباع، ثعالب المياه، وكذلك يُسجّل أقدم حضور لنوع من الدببة البدائية هو أغريتوريوم Agriotherium.

يرتبط نوع القردة الجنوبية العفارية بمساكن أوسع، بحيث يدفع اكتشاف آردي، واعتباره شبه إنسان يقطن غابة مطيرة، إلى طرح قضايا بيئية جديدة متصلة باصل وظهور أول شبه انسان. 
فيما لو مشى أول شبه إنسان على قدمين، قد امتلك إمكانات كبرى في مسكن جديد كمناطق الاحراش الأوسع وهذا وضع متوفر عند نوع القرد الجنوبي العفاري. لكن كما رأينا سابقاً، يظهر بأنّ آردي قد عاشت بنمط حرشيّ مُغلق رطب، ولا نعرف فيما لو مشت على قدميها أو تنقلت بطريقة أخرى. لكن بالطبع، نعرف أنه شبه إنسان. تعرضت كل إحفوريات منطقة أراميس للكسر، وقد تناثرت لقطع صغيرة في بعض الحالات، وقد ظهرت على غالبيتها علامات لآكلي لحوم. ويمكن تفسير هذا بوصفه عمليات توغل متكررة لآكلي لحوم بمنطقة، قد ظهرت بها بقايا الجثث. لا تظهر بالعموم علامات نهش ناتج عن عملية نقل كبيرة للفرائس، ما يعني بأنها قد ماتت في ذات المنطقة أو بالقرب منها.
 

 

الوضع منذ ظهور آردي 

 

حول آردي الإثيوبيّة، نُشِرَتْ معلومات تخص الأسنان ومواد متناثرة، ونحن بانتظار معلومات تخص الهيكل العظمي وأحفوريات أخرى، عثروا عليها في حملات كشف لاحقة. لقد أثار هذا الاحفور الجدل، وهذا طبيعي ويحصل إثر اكتشاف أي عيّنة جديدة، ويحصل على وجه الخصوص في حال وصفه لجنس جديد أو لنوع جديد.

يشكّك بعض العلماء بانتمائه إلى شبه إنسان بسبب ضيق طواحنها والمينا الرقيق بأسنانها، ونجد كلا الأمرين عند القرود الكبرى. رغم هذا، فقد اعتبروا هذا النوع البدائيّ مميزاً. ترى أغلبية العلماء بأنّ مورفولوجيّة أنيابها العليا (لها شبه هائل بالقواطع)، ونمط التآكل السنّي، ملمحان كافيان لتحديد الانتماء إلى نسب أشباه الإنسان ولا ينتمي إلى نسب القرود العليا.

  في جميع الاحوال، يجب التنويه إلى أنه حتى تاريخه، مشت كل أشباه الانسان، التي أُعيدَ بنائها من أحفورياتها، على القدمين، وهو شرط كافٍ لتحديد انتماء أحفور لعائلتنا، لكنه شرط غير ضروريّ. فمن المفترض أن كل هذا يتوقف على تعريف شبه الإنسان المُستخدم، لكن بمعايير التصنيف الراهنة، يكفي وجود ملمح واحد فقط مُشترك (مُتقاسَم) مع باقي أشباه الإنسان؛ ولا يظهر عند الشمبانزي، بدوره، ليُعتبَر الإحفور لشبه إنسان مهما تضاءل حجمه واختلف منظره .. الخ. في حالة آردي، نجد هذا الملمح الصغير والمحدد في مورفولوجيّة الناب المعقّد العلوي وفي الضاحك الثالث السفليّ.


تؤكد اكتشافات أخرى، كالعثور على القرد الجنوبي الأنامي في مواقع كانابوي وعليا باي في كينيا، على وجود ملامح شبه إنسان ذو ميزات قريبة لميزات القرد الجنوبي العفاري (في البنية السنية والمشي على قدمين) ويعود إلى ما يقرب من 4 ملايين عام، وفي مسكن أوسع من الأحراش القائمة بمنطقة أراميس، حيث عاشت آردي. 

يعتبر بعض العلماء أن هناك قرب زمنيّ كبير بين آردي والقرد الجنوبي الأنامي، وهما مختلفان عن بعضهما على مستوى اشتقاق الواحد من الآخر وهما في قاعدة السلالة التي أعطت المجال لظهور جنس بشراني. عندما نعرف نتائج أبحاث متصلة بأدلة أحفورية جديدة، تعود لكلا النوعين، سنتمكن من طرح أسئلة أدقّ حول الأصول الأقدم لنوعنا الحيّ.

 

قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة

 

  مسائل أساسيّة في التطور البشريّ (1): الرئيسيات

  مسائل أساسيّة في التطور البشريّ (3): المُناخ والتكيفات الحيوانية والنباتية 

مسائل أساسيّة في التطور البشريّ (4): أصل وانتشار الجنس البشريّ  

مسائل أساسيّة في التطور البشريّ (5): إكتشاف إنسان نياندرتال   

ليست هناك تعليقات: