Literatura carcelaria Siria أدبيَّاتْ السجونْ السوريّة (12) Syrian prison literature - <center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation </center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : Literatura carcelaria Siria أدبيَّاتْ السجونْ السوريّة (12) Syrian prison literature

2015-03-14

Literatura carcelaria Siria أدبيَّاتْ السجونْ السوريّة (12) Syrian prison literature

Liberté pour Faiek al-Meer

Militant de gauche laïque et membre du Parti démocratique du peuple, Faiek al-Meer a passé 10 ans dans les prisons de Hafez el-Assad lors de la campagne de répression menée contre les opposants à la dictature syrienne. Libéré en 1999, il a de nouveau été arrêté en 2006 par les services de renseignement de Bachar el-Assad et emprisonné pendant 2 ans. En 2010, Faiek est passé à la clandestinité pour éviter une nouvelle arrestation. Lorsque la révolution syrienne éclate en mars 2011, il en est l'un des militants les plus actifs. Il vivait depuis plusieurs mois dans la Ghouta de Damas, et a été arrêté par les forces du régime lundi 7 octobre alors qu'il se rendait à la capitale. Aucune nouvelle sur le lieu et les conditions de sa détention depuis. 
La lettre à sa fille Farah ci-dessous, est un texte qu'il avait publié sur Facebook quelques jours avant son arrestation. 

" Ce soir, ma fille Farah est devenue mère, mon fils, Ali tonton, et ma chère Samar grand-mère. Quant à moi, je suis devenu un "oncle" car hier, nous nous sommes mis d'accord avec Farah et mon très cher gendre Ahmad, pour qu'ils apprennent au petit à m'appeler : "'Ammo", puisque je suis encore jeune ! 
J'ai quitté Farah en 1987, alors qu'elle n'avait que deux mois, pour fuir les services de sécurité du tyran Hafez el-Assad. Ce n'est que cinq années plus tard que je l'ai rencontrée, pour la première fois, à travers les grilles de la salle des visites à la prison de Sidnaya. Ce jour-là, Farah m'a appelé "tonton" parce qu'elle ne connaissait pas son père*. C'est comme si j'avais reçu un coup de poignard en plein coeur lorsque sa mère l'a reprise en lui disant : "Ce n'est pas un "tonton", c'est ton papa", Farah a répondu : "C'est lui mon papa qui est sur la photo à la maison, c'est lui?", et Samar de répondre : "Oui, c'est lui, ton père qui est sur la photo"... 
C'est la même Farah que j'ai prise dans mes bras pour la première fois, douze ans plus tard. Elle avait grandi, sa hauteur approchant la mienne... Nous commencions à peine à nous connaître, à nous familiariser l'un à l'autre, lorsque le fils dictateur (Bachar) m'a arraché à son univers en 2006, et m'a éloigné d'elle durant deux années d'emprisonnement. A cette époque-là, Farah était étudiante à la faculté des lettres et langue anglaise. 
Le jour de ses fiançailles, au mois de février 2010, nous avons appris, juste avant de rentrer dans la salle des fêtes l'arrestation de notre amie Raghda Hassan alors qu'elle se rendait au Liban pour une mission politique qui nous était commune. Pour ne pas gâcher sa joie le jour de ses fiançailles, j'ai pris le risque d'assister à la fête sans que personne ne se doute de quoi que ce soit. Une fois la fête terminée, je suis rentré vite chez moi, rassemblé mes affaires. J'ai embrassé Farah et l'ai félicitée, puis j'ai quitté la maison. Peu de temps après, les bandits du dictateur sont venus chez nous, ont assailli la maison et cassé la porte à coups de fusils. Ce jour-là, il n'y avait que Farah et sa mère... 
Lorsqu'elle s'est mariée et partie en Arabie saoudite (pour travailler), je n'ai pas pu être auprès d'elle et lui dire au-revoir. Aujourd'hui, Farah est devenue mère... et encore une fois, je suis loin d'elle. Farah, "mes yeux", Farah, toutes mes félicitations et bon rétablissement ma fille... 
Ton père Faiek ".
* En Syrie, on appelle les adultes "tontons" (et "tata" pour les femmes), même s'ils ne font pas partie de la famille.

 

 
تحدّثنا في الجزء الحادي عشر، من هذه السلسلة، عن تجربة ميشيل كيلو في سجون مافيا الاسد. وننتقل الآن للحديث عن تجربة المُعتقل السابق والراهن المُناضل فائق المير "أبو علي ". وأقوم بنقل الآتي:


صورة ثورة: رحلة فائق المير / بدور الحسن

«أين الثوار العلمانيون؟»، يتساءل أحد «اليساريين» الغربيين الجهابذة، والذي غدت مهمته الرئيسية أن ينافس نظيره الإسلاموفوبي على اليمين في مَن يعدّ أكثر على اليوتيوب اللحى والـ«الله أكبر» التي يصرخ بها المقاتلون والمتظاهرون.


«لمَ لم يحتشد السوريون في ساحات مركزية، فيكون لهم ’ميدان تحرير‘ على الطريقة المصرية؟»، يندب مراقب آخر بفهلوية شديدة (شديدة لدرجة أنه فوّت الاعتصام الضخم ضد النظام في ساحة الساعة وساحات الخالدية في حمص وساحة العاصي في حماه ‒يكفي ثلاثة..‒ والذين تم تفريقهم بشراسة من قبل قوى الأمن والجيش النظامي).

«الوضع في سوريا شديد التعقيد. حرب أهلية طائفية بالوكالة. دعنا نأمل أن يحلّ السلام ولنمتنع عن الميل لأحد الأطراف»، يعلّق أحدهم وقد كان عادةً يُمطرنا بمقولات مالكوم إكس (الزعيم الأميركي المسلم) ومارتن لوثر كينغ (الزعيم الأميركي الأسود) عن ضرورة التخلي عن الحياد مع وجود صراع أخلاقي هائل.

أصبح مرهقاً تكرار بديهيات الثورة السورية مرة تلو أخرى. كما أن الثوار السوريين، المضطهدين، ليسوا مضطرين لعبء الدفاع عن عدالة قضيتهم، بينما بشار الأسد يواصل الاستمتاع بالحصانة التامة والشرعية الرئاسية التي يُتعامل معه على أساسها. ولا يَدين السوريون بأي شروحات أو تبريرات لأولئك الذين يصرفون النظر عن تضحياتهم ويركّزون على دعم بل وتمجيد الكفاح المسلح والعنف الثوري في كل مكان سوى سوريا.


الجهل بخصوص الثورة السورية صارخ وصاخَ ولا يمكن التغاضي عنه، ومع ذلك، التأكيد على حقائق بسيطة مراراً وتكراراً مسألة لا يمكن تجنّبها، وما تزال ضرورية، على الأقل كي لا يقول أولئك الناس غداً إنهم لم يتعرفوا إلى واقع الثورة. إذا كنت تتجاهل الثورة السورية أو تقلل من شأن أفاعيل الأسد التي يصعب وصف مدى الوحشية والطغيان فيها، فأنت تغض الطرف عمداً. لا تقل غداً لم يحذروني ولم يخبروني.

بسبب ما لا يحصى من الحواجز التي تمزّق المدينة، وبسبب تواجد أمني مرعب لا مثيل له في أي بلد عربي، لم يتمكن السوريون من ملء ساحة مركزية في دمشق. متراس الثورة الشعبي الأساسي كانت المجتمعات المحافظة والكادحة في ضواحي وهوامش المدن، وقد كانت هذه المجتمعات أكثر من دفع الثمن جراء سياسات بشار الأسد وأبيه من قبله. نفس الناس الذين هتفوا «الله أكبر» ‒تلك الجملة التي بطريقة ما تثير رعب العالم المتمدن أكثر من كل صواريخ سكود والطيران الحربي والقنابل العنقودية في ترسانة النظام‒ هم نفسهم الذين غنوا للثورة في المساجد وحولوا مواكب تشييع الشهداء إلى مظاهرات أشبه بالأعراس. حتى تحت الحصار أو القصف أو التجويع الذي يواظب عليه النظام كانوا بمنتهى الروعة يصونون إباءهم ويلقّنون عالماً ميتاً معنى الحياة.

هذا ناهيك عن أن الذين نزلوا إلى الشوارع مطالبين بإسقاط النظام نفسهم نزلوا إلى الشوارع محتجّين على المتشددين الإسلاميين، ناهيك عن أنهم أُجبروا على خوض عدة معارك على عدة جبهات وحيدِين في وقت واحد. لو كان مؤيدو النظام ومدّعو الحياد ينتقدون النظام كما مؤيدو الثورة ينتقدون مقاومتهم المسلحة ومعارضتهم السياسية، ربما كان يمكن توفير الكثير من الدماء المراقة.

لم يمتلك السوريون كذلك ترف البقاء سِلميين. ولا ترف انتقاء حلفاء لثورتهم؛ وبالتالي من غير المعقول إدانة انتفاضة شعبية بالكامل ببساطة لأن الغرب أو طغاة الخليج العربي زعموا أنهم يدعمونها.

الثوار الجذريون في سوريا لم يختفوا في قبّعة ساحر. معظمهم بين اعتُقل أو قُتل أو أُجبر على مغادرة البلاد، لكن أولئك الذين صمدوا متمسكون بالمبادئ الأصل في الثورة السورية. فائق المير أحد هؤلاء. أو، فائق المير كان أحد هؤلاء؛ فقد انضمّ هو الآخر لقوائم معتقلي الضمير في السجون السورية التي لا تنتهي، وذلك حين قبضت عليه قوى الأمن في منزله في دمشق يوم السابع من تشرين الأول 2013.


ولد فائق في بلدة القدموس في ريف طرطوس، وتخرج من المعهد المتوسط للكهرباء التابع لجامعة حلب. أثناء الدراسة وثم العمل في سد الطبقة في محافظة الرقة، بدأ نشاطه السياسي في بداية السبعينات، وقد انتمى إلى ’الحزب الشيوعي السوري ‒ المكتب السياسي‘، والذي أسسه عام 1972 الشيوعي السوري المعروف رياض الترك. وكان ’المكتب السياسي‘ قد انفصل عن ’الحزب الشيوعي السوري‘ بقيادة خالد بكداش، الستاليني الحليف للنظام البعثي. ’المكتب السياسي‘ كان أحد أوائل الأحزاب اليسارية في سوريا الذي دعا علناً للديمقراطية والتعددية، مما أدى إلى حظره من قبل النظام.

الاعتقال الأول لـ’المير‘ حدث في نيسان 1979، حيث اعتقلته المخابرات العسكرية شهراً بسبب توزيعه مناشير. تلك المدة السريعة في السجن ستكون محض خطوة أولى في رحلة متخمة بالمضايقات والاعتقالات. في آذار 1983 طُرد ’المير‘ من عمله في سد الفرات بطلب من فرع الأمن السياسي، بسبب نشاطه. عام 1987 تم إنذاره بسبب اشتراكه في حزب محظور، وقد أجبره الإنذار على التخفي بينما كانت ابنته فرح في شهرها الثاني من العمر. وفي النهاية تم اعتقال ’المير‘ عام 1989 وحُكم عليه عشر سنوات سجناً فقط بتهمة مناضل شيوعي ديمقراطي. ولم يتمكن من رؤية ابنته حتى 1992 في سجن صيدنايا؛ السنوات الخمس العجاف غيّرنَ من شكله لدرجة أن فرح لم تتمكن من ربط وجهه بصورة الرجل المعلقة صورته في المنزل ‒ بابا!

فائق المير، أو العميم أبو علي كما يناديه أصدقاؤه ورفاقه، كان ذا قلب لا يهزّه اليأس وروح عصية على الانكسار. حتى بعد 10 سنوات في لسجن، لم يضطرب الرجل ولم يتخلّ عن النضال من أجل الحرية والديمقراطية في سوريا. كان مشاركاً نشطاً في «ربيع دمشق»، ذاك الثوران السريع والجدل السياسي والاجتماعي الذي ازدهر بعد وفاة حافظ الأسد عام 2000 وتبخّر سريعاً وانتهى باعتقال عدد من ناشطيه، ومنهم رياض الترك و’المير‘. الأخير بقي قيادياً في ’المكتب السياسي‘ حيث عقد مؤتمره السادس عام 2005، مغيراً اسمه إلى ’حزب الشعب الديمقراطي السوري‘ ومتبنياً مقاربة اليسار الديمقراطي.

في 2006، تم اعتقال ’المير‘ مجدداً، هذه المرة بسبب زيارة إلى لبنان وحداد على اغتيال الصحفي سمير قصير والسياسي الشيوعي جورج حاوي ‒ وكلاهما معروف بمعارضته للنظام السوري. اتُهم بإضعاف الروح القومية ووهن عزيمة الأمة، وهي أشياء يرمى بها أي ناشط ديمقراطي في سوريا. ليس مفاجئاً أن نظاماً عيّن نفسه تجسيداً لـ«الأمة» وراح يجرد السوريين من أصواتهم وحقهم في تقرير مصيرهم يتهم كل من يجرؤ على تحدي سطوته وسرديته بـ«وهن عزيمة الأمة».

كان ردّ ’المير‘ على التهم الموجة إليه في المحاكمة، كما ذكر الكاتب اللبناني زياد ماجد، أن قال «هدفي الحفاظ على الاستقلال الوطني وتحرير الجولان وإنهاء الاستبداد وإقامة الدولة الديموقراطية… إننا مستمرون في معركة الديموقراطية».

فائق المير جسّد القيم الحقيقية لليسار، ليس فقط لدفاعه عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بل أيضاً لأنه طالما عمل على الأرض بلا تعب وبلا خجل من أشياء قليلة الجاذبية. لقد كان تمرّده المدهش والتزامه المستحيل هما ما جعلاه يدفع الثمن من أجود سنوات حياته، وينفصل عن عائلته، محروماً من حقه في حياة أو ما يشبه حياة طبيعية.


بعد كل ذلك، منطقي جداً أن يكون فائق المير بين الطليعة التي انضمت إلى الثورة السورية من أجل الحرية والكرامة التي انطلقت في آذار 2011. يوم انطلقت الثورة، كان فائق المير قد أجبر على التخفي (مرة أخرى) بعدما داهمت قوى الأمن السوري منزله في طرطوس عام 2010 وحكمت عليه محكمة في دمشق غيابياً بخمس عشرة سنة. لكن ذلك لم يمنع ’المير‘ من المشاركة الفاعلة في الثورة، فقد شارك في مظاهرات ضد النظام في دمشق وريفها خلال المراحل الأولى من الانتفاضة.

بالإضافة إلى ذلك، عمل عن قرب مع الشهيد عمر عزيز، وكان بين قليلين آمنوا ودعموا بحماس فكرته ورؤيته بخصوص تأسيس مجالس محلية. ’المير‘ كان مع الشهيد عزيز حين أبصر النور المجلس المحلي في برزة في العاصمة دمشق. «شو هالشعب الرائع! شو هالثورة!»، يستذكر ’المير‘ صرخات عزيز وهو يشهد المشاركة الشعبية المذهلة في المجلس المحلي في برزة، والسعادة التي طغت عليه مع تحقيق الشكل الأول من الحكم الذاتي في سوريا الثائرة.

’المير‘ سيستمر بعد ذلك في تنظيم المساعدات وأعمال الإغاثة في الغوطة الشرقية، التي لا ينتهي حولها الحصار أو عليها القصف.

قدرة أبو علي على البقاء مفعماً بالأمل والإيجابية حتى خلال أشد اللحظات كآبةً مذهلة وملهمة. أحد أصدقائه المقربين، وهو ناشط شاب، يقول: «رغم أنه في التاسعة والخمسين، كنا نشعر أن بو علي أصغر منا جميعاً. كان يعاملنا بحنوّ الأب وروح الصديق، ولم يتصرف معنا بفوقية يوماً، ونادراً ما ذكر تجربته في السجون».

أبو علي، المعتقل السياسي السابق الذي لم يحدث أن استخدم تجربته في السجن عذراً له للتراخي أو للحصول على امتياز في المعاملة؛ الأب المحبّ والزوج الذي قضى وقتاً أطول ما بين السجن والخفاء مما بين أبنائه وزوجته الصامدة، سمر؛ الناشط الجذري المجتهد والذي، رغم انتمائه إلى أقلية دينية، لم يحبس نفسه في طائفة، وفضّل الإيمان بثورة الشعب وبأنه لا يحق لأحد ولا لطائفة طلب أو توقّع ضمانات مقابل الانضمام للثورة؛ الإنسان المتّقد الذين لم يتوقف عن المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلقاء الضوء على قضيتهم… أبو علي نفسه اليوم معتقل.

قبل أيام قليلة جداً من اعتقاله، كتب فائق المير على صفحته على فيسبوك دعوة لإطلاق سراح صديقه خليل معتوق في ذكرى اعتقاله السنوية الأولى. معتوق محامٍ وحقوقي معروف، وهو الذي دافع عن ’المير‘ في محكمة 2007. وللمفارقة المفجعة هما معاً في السجن الآن، وهما، كالملايين من السوريين، مستهدفان ومعاقبان بسبب كفاحهما من أجل غد أفضل لسوريا، غد بلا استبداد، غد بلا اعتقال سياسي، غد بلا أسد وأسديين.


فائق المير / زياد ماجد

لا تستقيم كتابة تاريخ "سوريا الأسد" من دون كتابة سيَر أفراد كانت حياتهم سجلاً لكثرة من أحداثها. فسيَرهم تشكّل المادة الأغنى والأصدق التي يمكن الركون إليها لفهم خصائص مرحلة صنعت من طحن أعمار الناس ومصادرة أصواتهم سمتَين أساسيّتين لها.



من هؤلاء الأفراد، يبرز اسم فائق المير، أبو علي، أو "العميم" كما يسمّيه صحبه ورفاقه. فالرجل القدموسي عانى منذ أواخر السبعينات عسف النظام المباشر والعنف الجسدي الذي طاله ومروحةً واسعة من الناشطين السياسيين السوريين، فاعتُقل وضُرب وتوارى عن الأنظار فترةً طويلة قبل أن تُطبق عليه أجهزة الطغيان، فيدخل السجن عام 1989 ويُمضي فيه عشر سنوات بتهمة الانتماء الى "الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي" (الخارج فكرياً وسياسياً على التجربة البكداشية الموالية للأسد والمتحوّل لاحقاً الى "حزب الشعب الديمقراطي").



"تعرّف" فائق بعد خروجه من السجن الى ابنته التي شبّت الى جانب أخيها وأمّها في غيابه. لكنه ما لبث أن فارقهم من جديد. كانت تهمته هذه المرّة مرتبطةً بقدومه الى بيروت عام 2005 لتقديم التعازي باستشهاد سمير قصير وجورج حاوي ثم جبران تويني. فاتُّهم بالاتّصال بجهات خارجية معادية (متقبّلي التعازي!) وبإرادة النيل من هيبة الدولة. وسُجن عقب ذلك قرابة العامين قبل أن يخرج مجدداً ليُعاود نشاطه عام 2008، ثم يعود لحياة التخفّي والابتعاد عن الأنظار ابتداءً من العام 2010 بعد صدور مذكّرة توقيف جديدة بحقّه.



ومع اندلاع الثورة السورية، انخرط فائق في مختلف أنشطتها وفعالياتها، ثم رابط على مدى عام بأكمله في الغوطة قبل أن ينجح النظام في اعتقاله البارحة الإثنين خلال إحدى زياراته إلى دمشق المحتلة.



هكذا، عاش فائق المير ومعه عائلته سنوات السجن وسنوات الاختباء والخوف. ثم عاش انطلاقة الثورة واشتداد عودها، وعاش أيضاً كفاحها المسلّح المرير دفاعاً عن أهلها. وجسّد - كما حزبه - يساراً ثورياً على تماس مباشر مع "الشعب" الذي يدّعي النطق باسمه. لم يضع المشروطيّات على ناسه وهم يُقتلون ، ولم يرتد قفّازات ليتمنّع عن ملامسة ما يرفض الاعتراف به أو فهمه. قاتل من ضمن الثورة وعاش ظروفها وصعابها وواكب التحوّلات فيها وحولها.



فائق المير اليوم في قبضة النظام من جديد... سيرته وما فيها من "خسائر" أحدثها الاستبداد سيرة سورية بامتياز، وتأريخ لـ"سوريا الأسد" ثم للانتفاضة عليها. ولعلّ في المقطع التالي من محضر استجوابه أمام قاضي التحقيق في دمشق بحضور المحامي خليل معتوق (في الساعة 2,40 من يوم الأربعاء الواقع في 20/12/2006) ما يظّهر الصدام بين "سرديّتين"، بين تأريخين: سرديّة "رسمية" اتهامية (آخذة في الأفول) وسرديّة الناس الذين يمثّلهم أبو علي والمصمّمين على استعادة بلادهم كاملة: .... "يُسند إليك جُرم النيل من هيبة الدولة والشعور القومي وزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة ودس الدسائس لدى دولة معادية، سُئل فأجاب: أرفض السؤال الذي وُجّه إلي... هدفي... الحفاظ على الاستقلال الوطني وتحرير الجولان وإنهاء الاستبداد وإقامة الدولة الديموقراطية ووجوب تداول السلطة وعدم التفرد بالحكم... إننا مستمرون في معركة الديموقراطية وبناء الدولة الحديثة...".

 

قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
 
 
 

 

 
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات: