Literatura carcelaria Siria أدبيَّاتْ السجونْ السوريّة (2) Syrian prison literature - <center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation </center> Fénix Traducción فينيق ترجمة Phoenix Translation : Literatura carcelaria Siria أدبيَّاتْ السجونْ السوريّة (2) Syrian prison literature

2015-03-11

Literatura carcelaria Siria أدبيَّاتْ السجونْ السوريّة (2) Syrian prison literature

 
 
 

A continuación, presentamos algunos extractos de la novela "Ir a lo desconocido"  de Aram Krabit, pero en Árabe solo

تحدّثنا في الجزء الأوّل، من هذه السلسلة، عن قوقعة مصطفى خليفة. ننتقل الآن للحديث عن معاناة آرام كرابيت ورحيله إلى المجهول.



ســـــواطير النــار / محمد حيّان السمّان
( كتابة الاعتقال السياسي بين الذاكرة والإبداع )
قراءة في كتاب – آرام كرابيت - : الرحيل إلى المجهول



- السجن مرآة لمن لا مرآة له. على المرء أن يجلس أمام التاريخ وأمام نفسه، أن يقف أمام الشرق, قبلة الشمس، ويتعرى. أن يكتشف أين تقف قدماه – ( آرام كرابيت )


احتفت كتابة الاعتقال السياسي في سوريا، بموضوع التعذيب الجسدي و النفسي بالدرجة الأولى. لقد بدا، في معظم هذه النصوص، أن هولَ الألم الجسدي نتيجة التعذيب الفظيع داخل السجن، قد أذهل أصحاب النصوص عن تأمل ذواتهم داخل تاريخها الخاص أو العام، وشغلهم تماماً عن استبطان عوالمهم الداخلية، وتبئير نظرة خاصة إلى تجربة السجن، بوصفها إعادة تفكيك و صهر للمكونات الداخلية في الشخصية السجنية. من هنا، نلاحظ غلبة المقاطع المشهدية - التصويرية على هذه النصوص، عبر لغة وصفية تقريرية، أقرب إلى التوثيق والشهادة. ويكاد همها الأول أن يقتصر على تحقيق إدهاش القارئ بهول العذاب الواقع على أجساد الموقوفين.

كتاب – آرام كرابيت – بعنوان (الرحيل إلى المجهول) ينطوي على نص مختلف في هذا السياق، بحيث لا يظل مجرد شهادة حية عن فظاعات السجن وقبح السجان وبربرية النظام السياسي الذي يرعى طقوس التوحش تلك؛ بل يتعدى ذلك إلى مقام الكتابة الإبداعية التي تتوفر على خصائصها الفنية والجمالية والدلالية. 

لقد قام آرام كرابيت بعملية تحويل أدبي متميّزة لتجربة تم تناولها غالباً بلغة تقريرية وبمنطق الرصد والشهادة. وقد تجلت عملية التحويل هذه من خلال عدد من العناصر الفنية- السردية التي منحت كتابته تميّزها، وجعلت كتابَه يرقى بالفعل إلى مستوى العمل الأدبي.

* * *

منذ البداية، وبوعي كامل، أراد آرام أن يبني مع المكان الجديد المغلق، ومع الأشياء فيه، علاقة مختلفة تمكنه من قراءة الذات والآخر، ومحاكمة التاريخ الذي أفضى إلى هذا الجحيم المقيم. لكن هذا المسعى، وقد أراد منه المصالحة مع المكان بهدف – التماسك والبقاء قوياً - ؛ أفضى إلى مواجهة مباشرة مع حقائق الوضع الجديد التي لا تقبل المراوغة أو التجاهل:
 
"حاولتُ التماسك والبقاء قوياً، لكن المسافة الوحشية المزمجرة، المسمرة الرأس تطول وتطول، والمساحة البكماء الضيقة تضيق وتضيق ليتحول المكان إلى فضاء سديمي مغلق ومسدود، فيهرب الزمن الجميل من يدي ويضيع, يصبح سنبلة ذابلة، ويزداد ذبولا على ذبول، تتذرى وترحل مع كل درجة من البقاء، مخلفة توازناً هشاً ومائعاً".

تطلب النجاح في مسعى المصالحة مع المكان والتماسك في مواجهة جحيم السجن، من السجين/ السارد عدداً من المواقف والإجراءات، تحولت خلال عملية السرد إلى العناصر الفنية التي ميزت صنيع آرام، وارتقت به من سؤال الذاكرة إلى سؤال الإبداع. أشير هنا إلى موقفين مارسهما السجين طوال فترة سجنه، وأتاحا له فيما بعد- سردياً- إمكانية تجاوز كتابة التذكر والرصد، إلى السرد الفني:

1- الاسترجاعات : تتوزع الاسترجاعات على طول الشريط السردي لعمل آرام، بوصفها آلية استبطان وهروب وتوازن، وشكلاً للتحويل الأدبي في آن معاً. 

يقول آرام في تعبير كاشف "تحول الماضي إلى طائر طليق يحلق فوق أجنحة الروح".
 
 وفي مكان آخر يحدد بوضوح وظيفة الاسترجاعات داخل السجن: 
 
"أكثرت الطيران فوق قمم الجبال العالية المكسوة بالثلوج البيضاء الرحبة لأحرر هذه النفس من القيد الذي ترزح تحتها ومن اندفاعات قهرها".

داخل السجن تحضر الاسترجاعات في اللحظات المريرة: التعذيب، الإحساس بالقهر والذل، الحنين الذي لا يرحم...الخ، فتنتشل الروح من هاوية اليأس والمرارة، وتجد للعقل مخرجاً من متاهة الجنون المتربص، إلى فضاء الطبيعة الفسيح (الخابور، سهول الجزيرة السورية..الخ )، وزمن الطفولة ودفء العلاقات الأسرية والإنسانية. 

أما داخل الكتابة فقد ساهمت الاسترجاعات في بناء النص وتنظيم المنظور السردي، فأتاحت تنويع سياق السرد، لغة وفضاءً وعناصرَ دلالية وفنية، حيث تتخذ اللغة هنا طابع البوح والمناجاة الداخلية، وينفتح عبرها فضاء النص الرئيسي المغلق الرهيب، على فضاءات نصية وتخييلية جديدة لا نهائية، تضج بالحركة والروائح والألوان. ويستثمر السجين/ السارد خلال ذلك كله ذاكرة الحواس إلى أبعد مدى، لإعادة بناء عالم تلاشى، يستعيده ويبعثه من جديد، عبر محكيات متنوعة عن الطفولة والأسرة والخابور... بما يشبه الرد الإبداعي الخلاق على فضاء الرعب والموت داخل السجن.

إن تقنية الاسترجاعات أتاحت للسجين، من جهة أن يتجذر في المكان والزمان أمام عاصفة هوجاء تريد اقتلاعه وتحطيمه جسدياً ورمزياً. كما أتاحت للسارد، من جهة أخرى، تجاوز التوثيق والرصد الخارجي، إلى الكتابة الإبداعية التي تتوفر على بلاغتها الخاصة، ومنظورها المتفرد إلى التجربة السجنية. لقد قدم آرام من خلال الاسترجاعات ما يشبه فن الحفر والتنزيل على شريطه السردي الغني والمتنوع المستويات الدلالية والفنية.
 
2- الاهتمام بالتفاصيل والأشياء الصغيرة: يكاد هذا الاهتمام أن يكون ميزة مشتركة لدى سجناء الفترات المديدة، ومما يتطلبه البقاء طويلاً في أمكنة ضيقة مغلقة أمام مشاهد مكرورة. لكن ميزة آرام أنه استثمر ذلك من أجل تعميق بحثه عن معنى السجن وتجربة الاعتقال السياسي، تاريخياً وإنسانياً. كما استثمر ذلك في عملية الكتابة نفسها، بحيث نهض بالسرد من مستوى الرصد الأفقي السهل والعابر، إلى الحفر عمودياً في التفاصيل ودلالاتها القارة لتعميق المنظور الدلالي العام للعمل. 

تتنوع مساحة المشهد الذي ينقل آرام تفاصيله، بين مجموعة من الأفراد يراقب بذكاء حركاتهم ككتلة كاملة، وفي دلالاتها العامة، وبين وجه محدد يقترب من ملامحه وتفاصيله حتى يقرأ المرارة في حدقة العين.
 
"رحت أنظر إلى حركة السجناء مستغرباً من صمتهم وشرودهم. كل فرد منطوياً على نفسه، ملفوفاً بطبقة سميكة من العزلة، تاركاً مسافة بينه وبين الآخرين.... راقبت حالة التوتر والقلق التي كان يعاني منها السجين، حركة الأيدي، شد الأصابع، التعابير اللاشعورية كالمشي أو رمش العينين أو الأجفان. عندما كان يتكلم أحدهم، كنت أحس بنبرات الانفعال والقسوة تصدر منه أثناء التعبير أوفي لحظات التكلم".
 
يدقق آرام – سردياً - بالوجه وتعبيراته، والتغيرات الطارئة عليه، التي تعبّر عن الشخصية والانفعال. وقد قدم في هذا السياق عدداً من البورتريهات النصية الرائعة لمحققين وجلادين وسجناء، ومن خلالها أطلق عدداً من تأملاته الفكرية وأحكامه الأخلاقية، عبر لغة تصويرية متميزة.
 
"كنت بين جدران الأمل أنظر إلى ما حولي، بشراً وأشياء، كصور متنقلة أو حلم غريب الأطوار، مثبتاً بصري على الوجوه، على ابتساماتهم المرهونة للزمن، على القدر الكبير من المرارة والقهر المدفونين في حدقات أعينهم. في داخل كل واحد منهم صور لحنين وأمل بعيد. أرواح مركونة في عزلة بعيدة، غابت عنها ألوان الحياة والفرح، تعيش في ظل حصار كبير. كنت أنظر إلى السجناء، إلى وجوههم الصفراء المتعبة، أعمارهم المركونة في زوايا الإهمال، كل واحد داخل سرد مغلق، سرد صامت، تبتلعه كلماته المخنوقة في حنجرته".

وأتاحت تقنية الاهتمام بالتفاصيل إمكانية الإزاحة الاستعارية انطلاقاً من رصد تفاصيل عادية، لا يلبث السرد أن ينفتح من خلالها على المعنى المضمر ذي الطبيعة الفكرية النقدية المجردة. (وصف تفاصيل القذارة والعفن والروائح الكريهة التي شاهدها أثناء تقدمه في الممر المؤدي إلى حمامات مركز التحقيق بالقامشلي، حيث ينفتح السرد فجأة على خاتمة تقول: كنت مرتبكا، خائفا تحت القبضة القوية للواقع السياسي والاجتماعي المر في بلادنا !!).

* * *
يشكل كتاب آرام كرابيت علامة متميزة في المتن السجني السوري، وهو متن ما يزال محتاجاً إلى المزيد من التقصي والدراسة. وأود أن أختتم كلامي هنا بوقفة سريعة عند اللغة التي كتب بها آرام.

تمتاز لغة السرد عند آرام بالبراءة والعفوية. تنوس بين لغة الكتابة ولغة الكلام عبر البوح والتذكر، حيث يتدفق السرد هكذا كتعبير عن اندفاعات وجدانية، وأفكار ضاغطة تتدفق، بغضب أحياناً وبهدوء فلسفي أحياناً أخرى، بدون كوابح اللغة أو إملاءات الأسلوب، وهما معطيان سابقان كما يشير رولان بارت. ومن الواضح أن توزع آرام بين لغتين – الأرمينية والعربية – قد خفف من طغيان اللغة والأسلوب العربيين على نصه، وسمح بالإفلات من سطوة - المعايير النحوية والثوابت الأسلوبية – إلى رحاب الكتابة الإبداعية بوصفها فعل تضامن تاريخي، وشكلاً للمصالحة بين الحرية والذكرى، على حد تعبير بارت.

منقول
 
 
قد يهمكم الإطلاع على مواضيع ذات صلة
 
 

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات: